انطلقت ثورة الإمامين الصادقين (عليهما السلام) العلمية في وقت حساس ومهم جداً انشغل فيه الولاة والحكّام بأنفسهم وبحكمهم تاركين الإسلام والمسلمين، واستغلا (عليهما السلام) جميع الإمكانات المتاحة لهما لأجل القيام بالوظيفة الملقاة عليهما في ذلك الظرف الحرج، وكان أهم شيء تميزا به (عليهما السلام) هو العلم الواسع المرتبط بعلم رسول الله (صلىٰ الله عليه وآله)، ولذا كانت ثورة عظيمة بكل ما للكلمة من معنىٰ بثَّت عن طريقها الحياة من جديد للشريعة الإسلامية بعد أن حاول البعض إخمادها والحيلولة دون انتشارها وتطبيقها، ومن الصعب بمكان وضع الحدود والأُطر الدقيقة لهذه الثورة لكن من باب إحداث نافذة علىٰ هذه الثورة العظيمة يمكن ذكر بعض الخصائص المهمة والأساسية التي تميَّزت بها وهي:
1 – ربط المسلمين بالمبدأ وعالم المعنىٰ بعد أن فقد المسلمون هذا العنصر المهم في حياتهم وأصبحوا يسعون خلف عالم المادة فقط.
2 – المنهجية والتأنّي في العمل والسرية في بعض الأحيان تلافياً للمواجهة مع السلطان.
3 – إحياء سنة وأحاديث رسول الله (صلىٰ الله عليه وآله) بعد أن منعت في عهد خلفاء السقيفة.
4 – حفظ الرسالة الإسلامية من خلال الحث علىٰ الكتابة والتدوين وتدريب بعض الأصحاب الخلص علىٰ ذلك.
5 – صيانة الرسالة الإسلامية من خلال وضع القواعد الأساسية التي تمنع التحريف والوضع في الرسالة الإسلامية.
6 – إيجاد الحلول الفقهية عند غياب النص الروائي عنهم (عليهم السلام) حيث وضعت قواعد خاصة بذلك.
7 – محاربة الأفكار الدخيلة علىٰ الشريعة المقدسة كالأرجاء والجبر والتفويض والقياس الباطل وغيرها.
8 – امتدادها إلىٰ كل جوانب الحياة الفكرية والاجتماعية والأخلاقية والفقهية والكلامية وغيرها.
9 – تدريب الأصحاب الخلص علىٰ التصدي لحمل وحفظ الشريعة المقدسة.
10 – لم تقتصر علىٰ الجانب النظري فقط، بل تعدَّت إلىٰ التطبيق العملي بحيث كان الإمامان (عليهما السلام) يمثلان الأُسوة والقدوة في كل ما يطرحانه وفي كل الجوانب.
11 – تميَّزت بأنها ثورة حية تعيش في كل زمان ومكان.
12 – أسست لمن يحفظها بعد زمن يغيب فيه الأئمة (عليهم السلام) وذلك من خلال تأسيس نظرية الاجتهاد والرجوع إلىٰ العلماء المتخصصين في الفقه أو علم الكلام أو غيرهما.
13 – تميزت بالتدرج في بيان بعض الأحكام الشرعية وذلك مراعاة للظرف العام الذي كان سائداً آنذاك حيث ابتعد المسلمون عن الشريعة المقدسة قبل وفي زمن الحكومتين الأموية والعباسية.
14 – هيمنتها علىٰ كل المذاهب والمدارس الأخرىٰ بحيث إنها لم تكن مفتقرة إليها، بل كانت تلك المذاهب والمدارس بأمس الحاجة إليها.
15 – لقد سعىٰ الإمامان (عليهما السلام) إلىٰ بذل كل الجهود في سبيل إنجاح هذه الثورة المباركة لدرجة أنهما استشهدا في سبيل الإبقاء عليها وديمومتها وبيان حقانيتها.
إن كل خاصية من هذه الخصائص تحتاج إلىٰ كلام وبحث طويلين ولكنا لسنا في صدد الحديث بالبحث والتحليل عن هذه الخصائص بقدر ما كنا نريد الإشارة إليها وذكر عناوينها فقط.