معايير الثقة بالآخرين

معايير الثقة بالآخرين

المقدمة:

إنَّ الثقة بالآخرين ليست مجرد انطباع عاطفي أو استجابة لكلمات طيبة أو مظاهر جميلة، بل هي عملية عقلانية وأخلاقية وشرعية تُبنىٰ علىٰ معايير واضحة ودقيقة، وهي معايير موضوعية وسلوكيات عملية تثبت جدارة الشخص بكونه ثقة.

لهذا لم يكن تعامل أتباع أهل البيت (عليهم السلام) مع مسألة الثقة بمن حولهم قائماً علىٰ مبدأ سوء الظن العام أو الثقة المطلقة بكل الأصحاب، بل كان مبنياً علىٰ الثقة المُتقَنة والمقننة التي تستند إلىٰ معايير أخلاقية وعَقَائدية وشرعية.

فهم اعتمدوا منهجاً متوازناً يقوم علىٰ التحقيق والتمحيص والتقييم الموضوعي للتميز بين الصادقين والمنحرفين والمنافقين وفق معايير عقلانية وأخلاقية وشرعية وعملية، ولا شك في أنَّ هناك منهجاً نقلياً يُستَقىٰ علمه من القرآن الكريم وتعاليم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يبيِّن لنا الضوابط والخصائص الأساسية في معرفة الثقة من عدمه وهي ضوابط تجمع بين الحكمة والواقعية.

إنَّنا نعتقد أنَّ أساس المشكلة في التعامل مع الآخرين هي عدم معرفة معايير الثقة بالآخرين عند أغلب الناس، نتيجة فقدان الأصول المعرفية لكيفية تميز الثقة من غيره في المجتمع.

ولذا كان من الضروري الوقوف بشكل دقيق والاطِّلاع علىٰ معرفة معايير الثقة بالآخرين، وهل توجد معايير لتمييز الثقة من غير الثقة من بين العلماء حتَّىٰ نميز بين من ينتهج منهج أهل البيت (عليهم السلام) ممن يسير علىٰ خلافهم؟

وهل هناك دروس وقصص من القرآن الكريم وأهل البيت (عليهم السلام) بيَّنت لنا معايير الثقة بالآخرين؟

وسينتظم الحديث في هذا البحث ضمن الأمور التالية:

الأوَّل: المبادئ الأساسية وفيها أمور:

1 – التوازن بين الحذر والوثوق بالآخرين.

2 – بناء العلاقات علىٰ التقوىٰ والاستقامة.

3 – بناء العلاقات علىٰ أساس الولاء لأهل البيت (عليهم السلام).

الثاني: أمثلة عملية للاختبار.

الثالث: خطوات عملية لبناء الثقة.

الرابع: النتائج.

الخامس: الخاتمة.

الأمر الأوَّل: المبادئ الأساسية، وفيها أمور:

 نعني بالمبادئ الأساسية هي الأصول والقواعد التي يمكن أن يستند إليها في تكوين العلاقات مع الآخرين والوصول إلىٰ معايير الثقة بين أفراد المجتمع، ويمكن هنا أن نذكر عدَّة أُسس ومبادئ:

1 – التوازن بين الحذر والوثوق بالآخرين:

ونقصد بالتوازن هنا هو إيجاد الوسطية في كيفية الوثوق بالآخرين، ويمكن الحصول علىٰ هذا التوازن عن طريق تتبُّع المنهج القرآني مثلاً، حيث أمر الله تعالىٰ بالتحقُّق وعدم التسرُّع في الحكم علىٰ الناس، فقد قال تعالىٰ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ (الحجرات: ١٢).

حيث أشارت الآية القرآنية أنَّ سوء الظن خصلة من أقبح الرذائل الأخلاقية، التي تؤدِّي إلىٰ التفكك الأُسري والعائلي، وتمزُّق المجاميع البشرية والإنسانية وأوَّل سلبية لسوء الظن هي زوال الثقة بين الناس، وعندما تزول الثقة، فإنَّ عملية التعاون والتكاتف الاجتماعي ستكون عسيرة للغاية، ومع زوال التعاون والتكاتف في المجتمع البشري فسوف يتبدَّل هذا المجتمع إلىٰ غابة، يعيش فيه الأفراد حالة الغربة والوحدة مع الأفراد الآخرين، ويتحرَّكون في تعاملهم من موقع الريبة والتشكيك والتآمر ضدَّ الآخر.

والجدير بالذكر فإنَّ سوء الظن بالآخرين يختلف جذرياً عن الحذر المشروع في تكوين العلاقات الاجتماعية، فإنَّ سوء الظن المذموم: هو التهمة بلا دليل، وهو محرَّم لقوله تعالىٰ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ (الحجرات: ١٢).

وأمَّا الحذر المشروع: فهو التثبُّت من نوايا الناس بناءً علىٰ سلوكهم، وهو الفحص الدقيق لحماية المجتمع من الاختراق.

كما قال تعالىٰ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ (الحجرات: ٦).

أي لابد من الحذر وعدم التسرُّع في الحكم حتَّىٰ تطمئن بصدق الناقل ولا تحكم بصورة خاطئة علىٰ الآخرين.

كما حذَّر القرآن الكريم من بعض الظواهر حيث قال تعالىٰ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلىٰ ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ﴾ (البقرة: ٢٠٤).

حيث إنَّ هذه الآية نزلت في الأخنس بن شريف وكان رجلاً وسيما عذب البيان يتظاهر بالإسلام وحب الرسول (صلَّىٰ الله عليه وآله)، وكان كلَّما جلس عند النبي (صلَّىٰ الله عليه وآله) أقسم بالله علىٰ إيمانه وحبِّه للرسول، وكان الرسول (صلَّىٰ الله عليه وآله) يغدق عليه من لطفه وحبّه كما هو مأمور به، ولكن هذا الشخص كان منافقاً في الباطن، وفي حادثة نزاع بينه وبين بعض المسلمين هجم عليهم وقتل أحشامهم(1) وأباد زرعهم، وبهذا أظهر ما في باطنه من النفاق(2).

ويمكن أن نستدل بهذه الآية الكريمة علىٰ ضرورة الحذر والتأنِّي في تكوين العلاقات مع الآخرين وأنَّ حسن المظهر والكلام الطيب ليس كاشفاً عن حسن السريرة، بل لابد من الحذر والاختبار ليتَّضح الحال.

فإنَّ الإنسان المؤمن يعيش حالة من حالات التعقل (المؤمن كيِّس فطن)، المؤمن كلُّه عقل، كلُّه فهم.

ولهذا نفهم لماذا لا تكفي الكلمات والمظاهر وحدها في روايات أهل البيت (عليهم السلام)، فعن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّه قال: «يمتحن الرجل بفعله لا بقوله»(3).

وعنه (عليه السلام): «علم المنافق في لسانه، علم المؤمن في عمله»(4).

فالمظهر الحسن إذن لا يُعبِّر بالضرورة عن النوايا الخفية، والقلوب لا تُكتشف إلَّا بالاختبار.

إذاً الالتزام العملي بالدين شرط في الثقة بأن يكون الشخص مُطبِّقاً لأحكام الشرع، لا مُدَّعِياً للإيمان، فقط لهذا جعلوا للمنافق الذي يخالف قوله عمله علامات فعن النبي (صلَّىٰ الله عليه وآله) أنَّه قال: «للمنافق ثلاث علامات: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان»(5).

2 – بناء العلاقات علىٰ التقوىٰ والاستقامة:

من الضروري أن تبنىٰ العلاقات الاجتماعية علىٰ التقوىٰ وهي الخوف من الله تعالىٰ والاستقامة وعدم الانحراف عن الشريعة المقدسة، ومن هنا لم يكن بناء العلاقات الاجتماعية بين أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وبين أفراد المجتمع الآخرين خالية من الضوابط والأُسس، بل كانت مشروطة بالالتزام بالقيم الإسلامية، وهذا ما دلَّت عليه روايات أهل البيت (عليهم السلام)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: «لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإنَّ الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتَّىٰ لو تركه استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة »(6).

وهذا يدل علىٰ أنَّ الثقة تُكتسب عبر الالتزام بالقيم الإسلامية، لا بالعاطفة وحسن الظاهر فقط.

وكذلك ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنَّه قال: «تجنب عدوك، واحذر صديقك من الأقوام، إلَّا الأمين من خشي الله»(7).

مؤكِّداً علىٰ أنَّ أساس العلاقة هو التقوىٰ والاستقامة الدينية والأخلاقية.

لهذا فإنَّ الأئمة (عليهم السلام) أكَّدوا علىٰ ضرورة الرجوع والارتباط بالثقة المتقي من أصحابهم، فقد ورد عن عبد العزيز بن المهتدي والحسن بن علي بن يقطين جميعاً، عن الرضا (عليه السلام) قال: قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: «نعم»(8)، داعياً للأخذ من الثقات.

وكتوثيق السفير الأوَّل وهو أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الأسدي، حيث وثَّقه الإمام الهادي (عليه السلام) بقوله: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّيه»(9)، ووثَّقه الإمام العسكري (عليه السلام) بمثل ذلك(10)، وترحَّم عليه الإمام المهدي (عليه السلام) عند وفاته حينما أرسل رسالة تعزية إلىٰ ولده أبي جعفر(11).

ومن هنا نقول لا تكفي المواقف العابرة ليكون الشخص ثقةً، بل يُشترط التزامه بحدود الله، كالصدق والأمانة والتقوىٰ.

لأنَّ الشخص التقي يخشىٰ الله في السرِّ والعلن، مما يجعله جديراً بالثقة كما قال تعالىٰ: ﴿إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ (المائدة: 27).

وكذلك لابد من الصدق في الأفعال قبل الأقوال والاستقامة والتطابق بين القول والفعل، فمن وعدك بالخير ثم أخلف، لا يُعتبر محلًّا للثقة.

3 – بناء العلاقات علىٰ أساس الولاء لأهل البيت (عليهم السلام):

إنَّ هذا الأساس وهو الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) أينما وجد فهو يزيد ويوثق قوىٰ الترابط بين أفراد المجتمع، وكلَّما كان الشخص موالياً لأهل البيت مطبقاً لأحكامهم وتابعاً لهم كلما ازدادت درجة الوثوق به، وقد وردت نصوص كثيرة في الشريعة المقدسة تحث علىٰ التمسُّك بالولاء لرسول الله محمد (صلَّىٰ الله عليه وآله) الطيبين الطاهرين (عليهم السلام) لدرجة أنَّ من لم يتمسك بهذا المبدأ فإنَّه ضال مما يجعل الوثوق به أمر يستوجب الحذر، ومما يدل علىٰ أنَّ عدم التمسك بالثقلين يؤدِّي إلىٰ الضلال، ما ورد عن رسول الله (صلَّىٰ الله عليه وآله) أنَّه أوصىٰ أُمَّته بالتمسُّك بالثقلين، وهما كتاب الله وعترته أهل بيته، وأخبر أُمَّته بأنَّهما لن يفترقا حتَّىٰ يردا عليه الحوض، أي: أنَّهما موجودان إلىٰ يوم القيامة، وحذَّر من لم يتمسّك بهما بأنَّه سيضل عن سواء السبيل ففي سنن الترمذي بإسناده عن جابر بن عبد الله عن النبي (صلَّىٰ الله عليه وآله) قال: «يا أيُّها الناس إنِّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، وفيه أيضاً عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلَّىٰ الله عليه وآله): «إنِّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلىٰ الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتَّىٰ يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما»(12).

إنَّ من صفات المؤمن والموالي لأهل البيت (عليهم السلام) هي حفظ أسرارهم عن غير أهلها حيث مرَّت أزمنة عصيبة علىٰ المؤمنين جعلتهم في معرض القتل والسجن وجعلت التقية سلاحاً مهماً للحفاظ علىٰ الأنفس والأموال، ولذا ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنَّه قال: «التَّقِيَّةُ مِنْ دِينِي وَدِينِ آبَائِي»(13).

فكان كتمان السر معياراً للحب عند أهل البيت (عليهم السلام)، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنَّه قال: «والله إنَّ أحبّ أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا»(14).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): ­«ليس هذا الأمر معرفته ولايته فقط حتَّىٰ تستره عمن ليس من أهله، وبحسبكم أن تقولوا ما قلنا، وتصمتوا عما صمتنا»(15).

وهنا نشير إلىٰ نقطة مهمة وهي أنَّ هذا الأساس لا يمنع أن نكون علاقات مع غير الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) لكنه يزيد من الوثوق عند من تمسك بهم (عليهم السلام).

الأمر الثاني: أمثلة عملية للاختبار:

ذكرنا في النقطة الأولىٰ ضرورة الوسطية والحذر في إنشاء العلاقات الاجتماعية، وذكرنا المنهج القرآني في ذلك، وهنا سنذكر بعض الأمثلة من سيرة أهل البيت (عليهم السلام) في كيفية الحذر واختبار أصحابهم:

1 – موقف الإمام الحسن (عليه السلام) من بعض الشخصيات:

تعامَل الإمام الحسن (عليه السلام) بحذر مع من ادَّعىٰ الانتماء إليه ثم خانوه، قائلاً: «لأعودنَّ هذه المرة فيما بيني وبينكم وإنِّي لأعلم أنَّكم غادرون، والموعد ما بيني وبينكم، إنَّ معسكري بالنخيلة، فوافوني هناك، والله لا تفون لي بعهد، ولتنقضن الميثاق بيني وبينكم»(16).

2 – تعامل الإمام الحسين (عليه السلام) مع أصحابه في كربلاء:

اختار الإمام (عليه السلام) أصحابه المخلصين الذين ثبتوا معه حتَّىٰ الشهادة، مثل حبيب بن مظاهر والحر بن يزيد الرياحي، بعد تأكده من إخلاصهم ولذا أثنىٰ (عليه السلام) عليهم قائلاً: «لَا أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوْفَىٰ وَلَا خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي»(17).

الأمر الثالث: خطوات عملية لبناء الثقة:

هناك عدَّة خطوات عملية يمكن القيام بها لغرض بناء الثقة بين أفراد المجتمع، نذكر منها:

1 – حسن المداراة:

فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّه قال:

«ستة تختبر بها عقول الناس: الحلم عند الغضب، والصبر عند الرهب، والقصد عند الرغب، وتقوىٰ الله في كل حال، وحسن المداراة، وقلة المماراة»(18).

2 – المراقبة علىٰ المدىٰ الطويل:

انظر إلىٰ تعامله مع الآخرين، كيف يتصرَّف معهم، مثلاً هل يغتاب الآخرين فإنَّه ممكن أن يغتابك كونه لا يراعي الضوابط الشرعية، وهل يبقىٰ ثابتاً علىٰ ذلك النهج؟

3 – الاستفادة من تجارب الغير:

أسأل مَن تعاملوا معه سابقاً عن سمعته، وكذلك النظر إلىٰ من يصاحب فعن سليمان (عليه السلام) أنَّه قال: «لا تحكموا علىٰ رجل بشيء حتَّىٰ تنظروا إلىٰ من يصاحب، فإنَّما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه، وينسب إلىٰ أصحابه وأخدانه»(19).

4 – التأني وعدم الاستعجال:

ولما كان الاستعجال يجلب علىٰ صاحبه المتاعب ويوقعه في الإشكالات؛ حثَّ الشرع تربية النفس علىٰ التأني في أمور الدنيا.

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا تثقن بأخيك كل الثقة، فإنَّ صرعة الاسترسال لا تستقال»(20).

الأمر الرابع: النتائج:

اعتمد أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في تعاملهم مع الأصحاب علىٰ المنهج الوسطي، فلم يقعوا في فخِّ الثقة العمياء التي تُعرِّضهم للخيانة، ولا في سوء الظن الذي يُفَرِّق الجماعة. معيارهم الأساسي كان الدليل والواقع، مستندين إلىٰ:

1 – منهج القرآن الكريم وسيرة أهل البيت (عليهم السلام) التي تجمع بين (الوضوح في المبدأ) و(المرونة في التعامل(.

2 – (تقييم الأفعال لا الأقوال) كالثبات في المواقف والشدائد.

٣ – (الظروف الزمانية والمكانية) التقيّة والحكمة في التعامل مع المخالفين، وهذا ما جعلهم يُحافظون علىٰ تماسكهم رغم التحديات، ويبنون مجتمعاً قائماً علىٰ الثقة المُتبصِّرة.

الأمر الخامس: الخاتمة:

الثقة ليست مشاعر عابرة، بل عقد أخلاقي يُبنىٰ علىٰ:

1 – الاستقامة العملية.

2 – الاختبار الزمني.

3 – الوفاء في الشدائد.

لا تجعل مظهر الشخص أو كلماته خدعة تُلهيك عن حقيقته، بل اختبره بالمعايير الشرعية حتَّىٰ لا تندم.

فعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّه قال: «ابذل لصديقك كل مودَّة، ولا تبذل له كل الطمأنينة، وأعطه من نفسك كل المواساة، ولا تقص إليه بكل أسرارك»(21).

– إذاً الثقة المطلقة لله وحده.

– حتَّىٰ مع وجود المعايير، تبقىٰ الثقة الكاملة لله تعالىٰ، فلا تضع ثقتك المطلقة إلَّا بالله تعالىٰ والمعصوم (عليه السلام).

 

 

 

 

الهوامش:


(1) جمع حشم، وهم خاصة المرء الذين يغضبون له من عبيد أو أهل أو جيرة

(2) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل – الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ج٢، ص٦٨.

(3) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٤، ص٢٨٥٢.

(4) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٣، ص٢٠٩٦.

(5) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٤، ص٣٣٣٩.

(6) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٢، ص١٥٧٤.

(7) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٢، ص١٥٢٧.

(8) وسائل الشيعة (الإسلامية) – الحر العاملي: ج١٨، ص١٠٧.

(9) الغيبة – الشيخ الطوسي: ج١، ص٣٧٥.

(10) الغيبة – الشيخ الطوسي: ج١، ص٣٧٥.

(11) كمال الدين وتمام النعمة – للشيخ الجليل الأقدم الصدوق: ج١، ص٥٣٨.

(12) الخلاف – الشيخ الطوسي: ج1، ص27.

(13) الكافي – الشيخ الكليني: ج٢، ص٢١٩.

(14) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج٣، ص٢٦٦٨.

(15) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٣، ص٢٦٦٨.

(16) موسوعة كلمات الإمام الحسن (عليه السلام) – لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام): ص١٢٤.

(17) مقتل الحسين (عليه السلام) – السيد عبد الرزاق المقرّم: ج1، ص86.

(18) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٣، ص٢٠٥١.

(19) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٢، ص١٥٨٢.

(20) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٢، ص١٧٨٨.

(21) ميزان الحكمة – محمد الريشهري: ج٢، ص١٥٩٠.

Edit Template
Scroll to Top